قرآنيات: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾(*) الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر (أعاده الله ورفيقيه) بسم الله الرحمن الرحيم ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ (النمل: 62). صدق الله العليّ العظيم. هذه الآية من الآيات التي تُتلى بكثرة في ساعات الدعاء، وفي مجامع المؤمنين، لما لها من خصوصيّة ومضامين عالية في مواقع الاستجابة، وهي تضع حدّاً لأولئك الذين يريدون أن يجعلوا الدعاء بديلاً عن العمل، أو الذين ينكرون تأثير الدعاء في جميع الحالات. فما هي حقيقة التعامل مع الدعاء انطلاقاً من هذه الآية الكريمة؟ •النظرة إلى الدعاء عند الحديث عن الدعاء، وكيفيّة تعاطي الناس معه، فإنّنا نجد أنفسنا أمام ثلاث فئات، هي: 1- الفئة التي ترى أنّ الدعاء مكان العمل: هناك فئة تعتقد أنّ الدعاء هو السبب الوحيد لمعالجة المشاكل كلّها، وتأمين المكاسب كلّها. فبدلاً من أن تعمل، وتستعد، وتتهيّأ، وتفتّش، وتفكّر، وتتعلّم، وتعالج، عليك أن تدعو الله، للنجاح في الامتحان مثلاً، وللانتصار في الحرب، وللعلاج من الأمراض... ولكن هذا الأمر مرفوض في الإسلام؛ لأنّه يؤكّد على أنّ الله جعل لكلّ شيء قدراً وسبباً.
قال اللص للدينوري عجّل عليَّ فقام المكروب يصلي فأرتج عليه القرآن ونسيه كله من هول الموقف، إذ السيف على رأسه واللص يقول عجل قبل أن يكبر وعند التكبير وبعد التكبير وفي كل لحظة فما تذكر من القرآن شيئًا حتى الفاتحة يقول: فبقيت واقفًا متحيرًا وهو يقول: هيه أفرغ، فبينما أنا فيه همّ وضيق ألقى الله على لساني: " أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ " فقرأتها فإذا بفارس قد أقبل من فم الوادي وبيده حربة فرمى بها الرجل، فما أخطأت فؤاده فخر صريعًا فتعلقت بالفارس وقلت: بالله من أنت؟ قال: أنا رسول الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. قال: فأخذت البغل والحمار ورجعت سالمًا ( تفسير ابن كثير جزء 3).
جواز الوقف (ج) وتطبيقات من آيات سورة النمل الدكتور فاضل حسن شريف أنّ طول القراءة لا يعتبر عذراً للوقف قبل تمام الكلام عندما يكون القارئ قادرا على الاستمرار بنفسه بل ينبغي للقارئ أن يقف حيث يضيق نفسه، ثم يبتدئ من أول الكلام ويصل بعضه ببعض حتّى يقف على موضع يسوغ الوقف عليه. والنحويون يكرهون الوقف الناقص مع إمكان التامّ. لذلك وجود علامة جواز الوقف يجعل القارئ يقدر وقوفه في المكان المناسب ويتحكم على نفسه استنادا إلى ذلك كما في الآيات المباركة التالية من سورة النمل: "طس (ج: جواز الوقف) تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ" (النمل 1). والعلامة (ج) فوق نهاية الكلمة يعني جواز الوقف والوصل. ولكن الوقف افضل وخاصة في الآيات الطويلة، لأسباب منها تدبر القرآن أي يتفكر القارئ بما قرأ، وتقسيم الآية إلى جمل وعبارات بعد اكتمال المعنى. وتدبر القرآن له مفاهيم منها استنباط الادلة الشرعية، والحلال والحرام، والأمر والنهي، ودرجة الفهم. الآيات التالية من سورة الحج توضح مواقع جواز الوقف "وَأَلْقِ عَصَاكَ (ج: جواز الوقف) فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ (ج: جواز الوقف) يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" (النمل 10).
{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل 62] إذا اضطرتك الأمور و ضاقت بك السبل فلمن تلجأ وقت الضيق؟؟؟ هل تلجأ لوثن أو حجر أو شجر أو حتى تتذكر ملك مقرب أو بشر مهما بلغ من الصلاح ؟ أم تلجأ مباشرة لرب السماوات و الأرض و خالق الأكوان ؟ أتعتقد أن غير الله هو من جعل منك خليفة لمن قبلك ممن مشى على وجه الأرض من الآباء و الأجداد ؟؟؟ إنه الله فاعرفه من آثاره في الكون و في نفسك و كن دائم التذكر حتى تلقاه.
فسبحان من يجير ولا يجار عليه.
في الآية عدة دلائل على وجوب عبادة الله تعالى، منها أنه يجيب المضطر ويكشف السوء ويجعل الناس خُلفاء لبعضهم. المراجع [+] ↑ سورة النمل، آية:62 ↑ سورة الإسراء، آية:67 ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن رجل من بلهجيم، الصفحة أو الرقم:1520، حديث صحيح. ^ أ ب "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" ، ، 2020-06-04. بتصرّف. ^ أ ب ت "تفسير ابن كثير" ، ، 2020-06-04. بتصرّف. ↑ "تعريف و معنى مضطر في معجم المعاني الجامع" ، ، 2020-06-07. بتصرّف. ↑ سورة القرة، آية: 173. ↑ ". إعراب الآية (62)" ، ، 2020-06-07. بتصرّف. ↑ "إعراب الآية (62)" ، ، 2020-06-04. بتصرّف. ↑ "أمن يجيب المضطر إذا دعاه " ، ، 2020-06-05. بتصرّف.
قال الله تعالى "وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً" (الإسراء 106)، المكث يعني التأني حتى يحصل الفهم والتدبر.
أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ: أَإِلهٌ الهمزة حرف استفهام توبيخي ومبتدأ، مَعَ ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، اللَّهِ لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. قَلِيلًا: نائب مفعول مطلق لفعل محذوف. ما تَذَكَّرُونَ: ما زائدة والفعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والجملة تعليلية لا محل لها من الإعراب. [٩] الثمرات المستفادة من آية: أمن يجيب المضطر إذا دعاه في الآية الكريمةِ عدةُ ثمراتٍ ينبغي أن لا يغفل عنها المسلم، ومنها ما يأتي: [١٠] اليقين والإخلاص عند الدعاء لله تعالى، من أهم أسباب الاستجابة. للدعاء بركةٌ خصَّ بها الله عباده، ف الدعاء هو الصِلة ما بينَ العبدِ وربِهِ. كل ما يُصيب الإنسان هو مما قدرَّهُ الله عليه. الله تعالى واحدٌ لا إله غيرهُ، ولا ربَّ سواه. للمضطر دعوةٌ مستجابةٌ عند الله تعالى. الإنسان يعرفُ الله تعالى بالفطرة. ليس للمضطر من أحدٌ يدعوه سوى الله تعالى، وجاء التقييد في الآية {إذا دعاه}، وفي حالِ لم يدعوه فأمرُه إلى الله فقد يرفع عنه ما أصابَهُ وقد لا يرفعه. خلفاء الله في الأرض هم من صَلُحَ من عبادِهِ. لا تصحُ الاستغاثةُ ولا السؤال لغير الله تعالى. كشف السوء، وإجابة المضطر، وجعل بعض من خصَّهم الله تعالى خلفاء في الأرض، هذا كُله لايملكه إلا الله تعالى.
8. الذين يجعلهم الله خلفاء الأرض هم عباد الله الصالحون، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105]. 9. ﴿ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ الاستفهام للإنكار، أو بمعنى النفي. 10. الواجب على العبد أن يوجه السؤال إلى الله تعالى، ولا يطلب من أحد أن يزيل ضرورته ويكشف سوءه وهو لا يستطيع. 11. بطلان الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله. 12. إجابة المضطر، كشف السوء، جعلكم خلفاء في الأرض، كلها ظاهرة في أنها خاصة بالله جلَّ وعلا. 13. لابد أن يكون للمخلوق خالق قدير بصير عليم، غني بذاته عن كل ما سواه، وكل من سواه مفتقر إليه، وكل أهل العقول والفطر السليمة يقرون بهذا. 14. الأمور الثلاثة واضحة الدلالة على وجوب عبادة الله، فكونه يجيب المضطر، وكونه يكشف الشدائد والأمراض والكربات التي يقع فيها الناس عموماً، وكونه يجعل الناس يخلف بعضهم بعضاً: يستوجب عبادته وحده سبحانه. 15. يبين تعالى أن المشركين من العرب ونحوهم قد علموا أنه لا يجيب المضطر ويكشف السوء إلَّا الله وحده، فذكر ذلك سبحانه محتجاً عليهم في اتخاذهم الشفعاء من دونه.